بماذا تتفوق كوريا الجنوبية على جارتها الشمالية عسكريا؟
لا تتوقف حرب إطلاق التهديدات والبيانات التحذيرية بين كوريا الشمالية من طرف وجارتها الجنوبية وحليفتها الولايات المتحدة على الطرف المقابل، غير أن كثافة الصواريخ الباليستية التي أطلقتها بيونغ يانغ مؤخرا لاختبارها زادت من تسخين الأجواء، ليرد عليها الطرف المقابل بمناورات عسكرية ضخمة شاركت فيها إحدى أقوى حاملات الطائرات الأميركية.
وكثفت كوريا الشمالية من تجاربها الصاروخية خلال الأسابيع الماضية، مؤكدة أنها “رد مشروع” على ما تعتبره تهديدات عسكرية أميركية مباشرة ضدها، بينما قالت واشنطن إن بيونغ يانغ تعد لتجربة نووية جديدة ولوحت “بالرد”.
وتأتي عمليات إطلاق الصواريخ في عام شهد عددا قياسيا من التجارب على أسلحة إستراتيجية أجرتها كوريا الشمالية التي أعلن زعيمها كيم جونغ أون أنها قوة نووية، وأن هذا الوضع “لا رجعة عنه”، واضعا بذلك حدا لاحتمال إجراء محادثات لنزع السلاح النووي.
على الجانب الآخر، أجرت كوريا الجنوبية وحليفتها الولايات المتحدة مناورات مشتركة أثارت غضب بيونغ يانغ التي عدّتها تدريبات على غزو، وقالت وكالة الأنباء الكورية الشمالية إن هذه المناورات “استفزازية وخطيرة جدا”.
وأكدت كوريا الشمالية، في بيان مطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أنها “تتابع من كثب التطور المقلق جدا للوضع الحالي”، في إشارة إلى نشر حاملة الطائرات الأميركية “يو إس إس رونالد ريغان” في المناورات الأميركية الكورية الجنوبية المشتركة الأخيرة.
وتتهم كوريا الشمالية الولايات المتحدة بشكل متكرر بالإعداد لهجوم من خلال مناوراتها العسكرية مع كوريا الجنوبية، وهو أمر تنفيه الدولتان.
ومع هذا التصعيد الأخير تبقى المخاوف والتساؤلات مطروحة، ماذا لو نفذ أحد الطرفين تهديداته واستهدف الطرف الآخر؟ وما حجم الرد الذي سيكون؟ ولمن ستكون الغلبة؟ وهل سيبقى الصراع محصورا في شبه الجزيرة الكورية أم سيمتد خارجها بمشاركة أطراف أخرى؟.
ميزان القوى
وهذه مقارنة بين القوة البشرية والعسكرية للكوريتين في مختلف صنوف الأسلحة البرية والجوية والبحرية، وذلك وفق بيانات موقع غلوبال فاير باور (Global fire power) المتخصص في الإحصاءات والبيانات العسكرية لمختلف الدول، وطبعا لا تتضمن البيانات ما تمتلكه بيونغ يانغ من ترسانة صواريخ باليستية ورؤوس نووية كونها محاطة بسرية تامة.
وتوضح البيانات تفاوتا في القوة بين الطرفين، فعلى سبيل المثال ميزانية الدفاع السنوية لكوريا الشمالية تزيد عن نظيرتها الجنوبية بأكثر من 10 أضعاف، بينما تتفوق كوريا الجنوبية على جارتها الشمالية بشكل واضح في عدد الجنود سواء من هم في الخدمة (1.2 مليون مقابل 555 ألفا) أو الاحتياط (600 ألف مقابل 500 ألف) أو القوات شبه العسكرية (200 ألف مقابل 75 ألفا)، رغم أن عدد سكانها أقل من كوريا الشمالية بمعدل النصف.
كما تمتلك كوريا الجنوبية، وفق البيانات ذاتها، ضعف عدد الدبابات لدى جارتها الشمالية (5895 مقابل 2624)، وكذلك الأمر بالنسبة لمنصات الصواريخ (1360 مقابل 574)، في حين تتفوق بيونغ يانغ على سول في امتلاكها المركبات المدرعة والمدافع المتنوعة.
أما بخصوص القوى الجوية فتتفوق كوريا الشمالية على الجنوبية في إجمالي عدد الطائرات الحربية، في حين تتساويان تقريبا في عدد المقاتلات منها، كما أن بيونغ يانغ تملك 4 أضعاف ما تمتلكه سيول من المروحيات العسكرية.
وفي حين تتغلب كوريا الجنوبية على الشمالية في إجمالي عدد القطع البحرية بمعدل الضعف تقريبا، وكذلك في عدد الغواصات، تفتقر سول لامتلاكها أي من المدمرات أو حاملات الطائرات، بينما تمتلك بيونغ يانغ 12 مدمرة وحاملتي طائرات ومروحيات.
ترسانة الرعب
ورغم أن الأرقام التي يوردها موقع غلوبال فاير بور تعطي مؤشرات حول قوة كل طرف بصنوف الأسلحة التقليدية المختلفة، فإنه لا يمكن إغفال ترسانة الصواريخ الباليستية والرؤوس النووية التي تمتلكها بيونغ يانغ وطورتها منذ خمسينيات القرن الماضي.
فبعد 5 عقود من العمل على برنامجها النووي أجرت بيونغ يانغ في العام 2006 أول تجربة نووية تحت الأرض، وتلتها عدة تجارب إلى أن خلف الزعيم الشاب كيم جونغ أون والده في 2011. وشهد البرنامجان الصاروخي والنووي تطورا متسارعا في عهده.
وفي التاسع من سبتمبر/أيلول 2016، أجرت بيونغ يانغ تجربتها النووية الخامسة. وأكد النظام وقتها أنه اختبر رأسا نوويا يمكن تثبيته على صاروخ بعيد المدى.
في مايو/أيار 2017، أجرت كوريا الشمالية تجربة لصاروخ باليستي يراوح مداه بين المتوسط والبعيد وهو من نوع هواسونغ-12. وقد اجتاز 700 كيلومتر قبل أن يسقط في بحر اليابان.
وبعد شهرين فقط، أعلنت كوريا الشمالية نجاحها في الرابع من يوليو/تموز -يوم العيد الوطني الأميركي- في اختبار صاروخ قادر على بلوغ ألاسكا وقدّمته هدية إلى “الأميركيين الأوغاد”.
وفي الثالث من سبتمبر/أيلول 2017، أجرت بيونغ يانغ تجربتها النووية السادسة التي اعتبرت الأقوى، وقدّرت مجموعات رصد قوة القنبلة بـ250 كيلوطن، أي ما يوازي 16 مرة حجم القنبلة الأميركية (15 كيلوطن) التي دمّرت هيروشيما عام 1945.
وفي 29 نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، أجرت كوريا الشمالية تجربة على صاروخ جديد عابر للقارات من طراز “هواسونغ-15” يمكنه أن يحمل “رأسا ثقيل الوزن” قادرة على ضرب البر الأميركي، بحسب بيونغ يانغ. وبعد أيام قليلة، تعهد الزعيم الكوري الشمالي جعل بلاده “أقوى قوة نووية في العالم”.
وبعدها مر برنامج بيونغ يانغ للتجارب النووية والصواريخ الباليستية بعدة مراحل، تراوحت بين التجميد في ظل المفاوضات مع واشنطن وبين استئنافه في فترة تعثر تلك المفاوضات.
لكن في أكتوبر/ تشرين الأول 2020، كشفت بيونغ يانغ في عرض عسكري عن صاروخ هواسونغ-17، الذي قُدّم باعتباره أقوى صاروخ باليستي عابر للقارات.
وخلال السنتين الماضيتين أجرت كوريا الشمالية عدة اختبارات لصواريخ بعيدة وقصيرة المدى، وكثفت من تلك الاختبارات مؤخرا وكان أبرزها في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري حين أطلقت صاروخا باليستيا ذا مدى بين المتوسط والبعيد وفق الجيش الكوري الجنوبي.
وحلق الصاروخ فوق اليابان، للمرة الأولى منذ عام 2017، مما دفع طوكيو إلى تفعيل نظام الإنذار والطلب من سكان بعض المناطق الاحتماء.
ولا تصرح بيونغ يانغ بحجم ما لديها من رؤوس نووية أو صواريخ باليستية، كما لا يدخل هذا النوع من الأسلحة في إحصائيات القوة العسكرية للدول التي تقوم بإعدادها عادة جهات غير رسمية.