قوات ألمانية خلال مشاركتها في إحدى المناورات العسكرية (وكالة الأنباء الأوروبية)

قوات ألمانية خلال مشاركتها في إحدى المناورات العسكرية (وكالة الأنباء الأوروبية)

مع أن برلين تسعى منذ عقد من الزمان إلى تحمل المزيد من المسؤولية في العالم، وأن الحرب في أوكرانيا أقنعتها بتعزيز قدراتها الدفاعية، فإن تلك القدرات لا تتطور بوتيرة كافية، وهذا ما جعل وزير الدفاع بوريس بيستوريوس يعد بتكريس جهوده لهذا التطوير الذي تعترضه مزالق كثيرة، الأمر الذي سيجعل الجيش الألماني قادرا على الردع ومتمتعا بالكفاءة والاستعداد.

بهذا المعنى افتتحت صحيفة لوفيغارو (Le Figaro) الفرنسية تحليلا بقلم بيير أفريل ونيكولا باروت، أوضحا فيه أن حلف شمال الأطلسي يتابع ما سمياه المماطلة الألمانية كما يتابع ما يطلق عليه (Zeitwende) -“نقطة تحول”- الذي أعلنه المستشار أولاف شولتز- باهتمام، على أمل أن تصبح ألمانيا قوة عسكرية لا يستهان بها.

 

ما قدرات الجيش الألماني؟

يعد الجيش الألماني (البوندسفير) أحد أكبر الجيوش في أوروبا من الناحية العددية بعد فرنسا، إذ إن لديه 184 ألف جندي نشط، أي أكثر من إيطاليا وبولندا، كما أنه يمتلك على الورق 284 دبابة من نوع ليوبارد و674 مركبة قتالية للمشاة و121 قطعة مدفعية من عيار 155 مليمترا و8 فرقاطات و226 طائرة مقاتلة من طراز يوروفايتر وتورنادو.

ومع ذلك، قالت النائبة إيفا هوغل، المفوضة البرلمانية للقوات المسلحة إن الجيش الألماني، لكي يكون جاهزا للعمل، يحتاج إلى “المعدات الشخصية مثل الخوذات وحقائب الظهر والسترات الواقية. وكذلك المعدات الصغيرة والكبيرة من أجهزة الراديو والذخيرة إلى الدبابات”، أي أنه يفتقر إلى كل شيء تقريبا.

وأشار المحللان إلى أن هذه الوضعية إرث عقود من نقص الاستثمار، حيث خفضت برلين إنفاقها الدفاعي بشكل كبير بعد نهاية الحرب الباردة، خاصة أن الجيش الألماني (البوندسفير) يعاني من بعض القيود ويمنع عليه القيام بمهام قتالية خارج ألمانيا، وإن كان تدخل الناتو في كوسوفو بداية لنشره في الخارج، ليشارك بعد ذلك ببعثات في مالي وفي التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

 

هل تريد ألمانيا أن يكون لها نفوذ في الناتو؟

تولت ألمانيا منذ مطلع يناير/كانون الثاني، ولأول مرة قيادة “قوة المهام المشتركة العالية الاستعداد” (VJTF) داخل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وقيادة القوات الخاصة التابعة لها، مما يعني أن عليها تحمل المسؤوليات العسكرية شاءت ذلك أم أبت، وبالتالي يطالب ضباطها الذين يدركون ذلك بالموارد والقدرات اللازمة.

 

وإذا كان التردد السياسي قويا قبل غزو أوكرانيا لتخصيص المزيد من الموارد للدفاع، فإن تصويت البرلمان الألماني على صندوق استثنائي بقيمة 100 مليار يورو وتخصيص 2% من الناتج المحلي الإجمالي للدفاع، يخلق توافقا بين إرادة برلين السياسية ووسائلها المالية.

وقد أطلقت ألمانيا مبادرة “سكاي شيلد” (الدفاع الصاروخي الأوروبي) في بداية العام بدعم من 14 دولة من دول الناتو، ولكن فرنسا تبدو منزعجة من هذا المشروع، لكن توربان أرنولد الخبير بالمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية يقول إن تقديم التمويل لن يكون كافيا بالنسبة لألمانيا للتغلب على الصعوبات السياسية والإستراتيجية للمشروع.

ما العلاقة العسكرية مع الولايات المتحدة؟

سيخصص ثلث الصندوق الخاص البالغ 100 مليار يورو -حسب الصحيفة- لشراء طائرات أميركية، ويقول المستشار أولاف شولتز، في هذا الصدد، إن “الناتو يحتاج إلى رادع ذي مصداقية”، وتعد “المشاركة الألمانية في الردع -حسب الصحيفة- جزءا من الرابط الأمني ​​القوي للغاية الذي يربط ألمانيا بالولايات المتحدة”.

إضافة إلى ذلك، ينتشر أكثر من 30 ألف جندي أميركي في ألمانيا بصورة دائمة، وتوجد فيها 5 مراكز للجيش الأميركي، وهو ما تراه برلين ضمانا للأمن، ويعلق دبلوماسي فرنسي رفيع المستوى على ذلك بمرارة قائلا: “الألمان يتصرفون كمقاول من الباطن للأميركيين”.

وفي هذا السياق، يشهد التعاون الفرنسي الألماني ضعفا كبيرا في المجالات العسكرية، خاصة أن كثيرا من المشاريع مثل زورق الدوريات البحرية والمروحية المشتركة ودبابة المستقبل لا تزال متعثرة.

 

لماذا تحجم ألمانيا عن مساعدة أوكرانيا؟

وقد قدم أولاف شولتز بعض الحجج لرفض بلاده إرسال معدات هجومية إلى كييف، أولاها أن تسليم أسلحة ثقيلة إلى أوكرانيا وخاصة دبابات ليوبارد 2 قد يثير تصعيد الحرب، وثانيها أن ألمانيا ترفض السير بمفردها وتنتظر اتفاق الحلفاء، وثالثها أن برلين تحتاج أولا إلى تقييم الأسطول العسكري الألماني.

المصدر : لوفيغارو

About Post Author