استطلاع لمركز بيو: الفتيات في مرحلة المراهقة يعانين من القلق والاكتئاب أكثر من الفتيان (فري بيك)

استطلاع لمركز بيو: الفتيات في مرحلة المراهقة يعانين من القلق والاكتئاب أكثر من الفتيان (فري بيك)

يُعد الاكتئاب من أكثر اضطرابات الصحة النفسية شيوعا، حيث يؤثر على ما يزيد عن 280 مليون شخص حول العالم. ورغم إمكانية ظهوره لدى بعض الأطفال، فإن أعراضه تصبح أكثر وضوحا عادة في مرحلة المراهقة، وهو ما قد يرتبط بجملة من التحديات التي يواجهها المراهقون، مثل التغيرات الجسدية والعاطفية والاجتماعية.

ويظهر اكتئاب المراهقين غالبا في صورة مزاج منخفض أو فقدان القدرة على الاستمتاع بالأنشطة المعتادة، إلى جانب أعراض أخرى شائعة مثل الأرق، سرعة الانفعال، تغيّر الوزن بالزيادة أو النقصان، الشعور بالذنب أو انعدام القيمة، وتراجع احترام الذات.

هل كنت تعلم أن المراهقات أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب مقارنة بأقرانهن من الذكور؟ فقد أظهرت دراسات حديثة ارتفاعا ملحوظا في معدلات القلق والاكتئاب بين الفتيات المراهقات على نحو يفوق الفتيان.

ففي بحث نُشر عام 2017 في مجلة الطب النفسي الانتقالي، تبين أن 36% من الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 12 و17 عاما يعانين من أعراض الاكتئاب، مقابل 14% فقط من الفتيان في العمر نفسه. ويرتبط هذا الاضطراب بتداعيات خطيرة تشمل تراجع الأداء الدراسي، وتوتر العلاقات الاجتماعية، وارتفاع معدلات محاولات الانتحار.

كم عناقا تحتاجه ابنتك المراهقة كل يوم؟ ولماذا؟
دراسة: 36% من الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 12 و17 عاما يعانين من أعراض الاكتئاب (شترستوك)

أما في عام 2023، فقد كشفت دراسة استقصائية أميركية أن أكثر من نصف طالبات المدارس الثانوية أبلغن عن مشاعر متواصلة من “الحزن أو اليأس” -وهي مؤشرات أساسية للاكتئاب- في حين عبر نحو ثلث المراهقين الذكور فقط عن المشاعر نفسها.

وفي الدراسة، أجاب أكثر من 17 ألف طالب من 31 ولاية على ما يقرب من 100 سؤال يتعلق بالصحة العقلية، وأظهرت البيانات ارتفاع معدل الحزن واليأس المستمر لدى الفتيان بمقدار 8 نقاط مئوية من 21 إلى 29%، بينما كان معدل النمو أسرع بين الفتيات بنسبة هائلة بلغت 21 نقطة مئوية من 36 إلى 57%.

 

وأشار استطلاع جديد أجراه مركز بيو للأبحاث على 1391 مراهقا في الفترة من 18 سبتمبر/أيلول إلى 10 أكتوبر/تشرين الأول 2024، إلى أن الفتيات في مرحلة المراهقة يعانين من القلق والاكتئاب أكثر من الفتيان.

الفتيات يواجهن البلوغ والتقلبات الهرمونية في وقت أبكر من أي وقت مضى (فري بيك)

معاناة الإناث

يرى الباحثون أن هذا التفاوت قد ينشأ لأسباب بيولوجية أو عاطفية أو اجتماعية، وتعد الضغوط الاجتماعية والأكاديمية من بين الأسباب التي ذكرها استطلاع مركز بيو، إذ أفاد نحو 7 من كل 10 مراهقات (71%) بأنهن شعرن بضغط كبير للحصول على درجات جيدة، بينما أفادت حوالي 6 من كل 10 فتيات (55%) بتعرضهن لضغط كبير لتحسين مظهرهن والتوافق الاجتماعي.

ومن العوامل الأخرى المسؤولة عن اختلاف معدلات الاكتئاب بين الفتيات والفتيان ما يلي:

  • البلوغ المبكر

يعد البلوغ المبكر أحد التفسيرات المحتملة لهذا الاختلاف، فالفتيات يواجهن البلوغ والتقلبات الهرمونية في وقت أبكر من أي وقت مضى، ووفقا لتحليل بيانات عالمية أُجري عام 2020، انخفض متوسط سن البلوغ لدى الفتيات في العديد من الدول بمقدار 3 أشهر كل عقد على مدار الأربعين عاما الماضية.

يُحفز البلوغ إفراز هرمون الإستروجين، الذي ينشط “آلية التوتر”، ومع بدء البلوغ مبكرا لدى الفتيات، يبدأ هرمون الإستروجين بالظهور ويؤثر على كيمياء الدماغ، بما في ذلك المناطق المرتبطة بالمزاج والعاطفة والتي لم تنضج بعد أو تستعد للتعامل مع نشاط الإستروجين، لهذا يرتبط البلوغ المبكر لدى الفتيات بظهور أعراض اكتئابية أكثر وتصل إلى ذروتها في سن مبكرة، وفق ما نشره موقع “سيكولوجي توداي”.

كم عناقا تحتاجه ابنتك المراهقة كل يوم؟ ولماذا؟
مجرد الاستماع إلى مخاوف ابنتك ومشاعرها أفضل من الحكم على سلوكها أو التسرع في إصلاح الأمور (شترستوك)

الضغوط والتوقعات الاجتماعية

غالبا ما تواجه الفتيات ضغوطا اجتماعية أكبر من الفتيان، بدءا من توقعات صورة الجسم وصولا إلى الأداء الأكاديمي والتركيز على المنافسة، وقد تشكل هذه الضغوط عبئا على الفتيات الصغيرات وتؤدي إلى تدني احترام الذات والخوف من الأحكام والشعور بالفشل، خاصة عندما يشعرن بأنهن غير قادرات على التحدث عنها أو التعبير عن مشاعرهن بحرية.

وسائل التواصل الاجتماعي

تقول دونا جاكسون ناكازاوا، مؤلفة كتاب “فتيات على شفا الهاوية” لموقع “سي إن إن”، أن الفتيات يقضين وقتا أطول على مواقع التواصل الاجتماعي، ويعلمن أنهن أكثر عرضة للإعجاب أو عدم الاعجاب بناء على مظهرهن مما يعزز عدم الرضا عن صورة أجسادهن ويدفعهن إلى المقارنات المستمرة مع المؤثرين واستخدام الصور المفلترة التي تظهر أجساما أنحف ووجوها أكثر تناسقا، للظهور بمظهر لائق وجذاب.

وتشير ناكازاوا: “يمكن لهذه العوامل أن تؤثر على احترام الذات والثقة بالنفس، وتسبب التوتر والميل إلى النقد الذاتي مما يؤدي إلى ظهور أعراض الاكتئاب”.

البيئات غير الآمنة والتعرض للإساءة

تضيف ناكازاوا، تواجه الفتيات تهديدات إضافية مثل التحرش الجنسي والاعتداء اللفظي أو الجسدي، مما يترك أثرا دائما على الصحة النفسية للفتاة ويزيد بشكل كبير من خطر الاكتئاب.

آلية التكيف مع المحفزات العاطفية

توجد اختلافات واضحة في طريقة معالجة الفتيات والفتيان للمحفزات العاطفية، إذ تركز الفتيات بشكل أكبر على مشاعرهن خاصة عندما يتعرضن للأذى أو الرفض، ويعبرن بالحزن والبكاء والعزلة، وهذه الحساسية قد تجعلهن أكثر عرضة للاكتئاب والقلق، وفق ما أشار إليه معهد “تشايلد مايند”.

من ناحية أخرى، يكبت الأولاد مشاعرهم أو يعبرون عنها بالغضب لا بالحزن، ونتيجة لذلك، قد يمر الاكتئاب لدى الأولاد أحيانا دون أن يُلاحظ.

، إصابة طفل من بين كل سبعة بأمراض ترتبط بالصحة العقلية، وأن الأطفال والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 10 إلى 19 عاما،
هناك اختلافات واضحة في طريقة معالجة الفتيات والفتيان للمحفزات العاطفية (شترستوك)

كيفية دعم الفتيات في فترة المراهقة

يمكن للآباء مساعدة بناتهم على تجاوز سنوات المراهقة بدون اكتئاب أو قلق من خلال اتباع بعض الإستراتيجيات، ومنها:

استمع إلى ابنتك من دون إصدار أحكام: في بعض الأحيان قد يكون مجرد الاستماع إلى مخاوف ابنتك ومشاعرها أفضل من الحكم على سلوكها أو التسرع في إصلاح الأمور.

تأكد أن ابنتك تشعر بالدعم والقبول: تشعر الفتيات المصابات بالاكتئاب بالذنب الشديد، لذا ينبغي تشجيعهن على التعبير عن أنفسهن من خلال كتابة اليوميات ومساعدتهن على وضع أهداف قابلة للتحقيق والثناء عليهن.

تعزيز العادات الصحية: شجع ابنتك على اتباع نظام غذائي صحي وإيجاد طرق لإدارة التوتر وممارسة الرياضة والحد من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، لتقليل خطر الإصابة بالاكتئاب.

استشارة اختصاصي نفسي: قد يؤثر الاكتئاب بشكل خطير على الصحة النفسية والجسدية للفتاة، وهنا ينبغي استشارة اختصاصي الصحة النفسية لمساعدتها على التغلب على آثار الاكتئاب واستعادة السيطرة على حياتها.

المصدر: الجزيرة + مواقع إلكترونية

About Post Author