
منذ عقود طويلة، انشغل العلماء بكيفية تحويل الكربون إلى ألماس (شترستوك)
منذ عقود طويلة، انشغل العلماء بكيفية تحويل الكربون إلى ألماس (شترستوك)
تمكن فريق بحثي بقيادة جامعة طوكيو اليابانية من ابتكار طريقة جديدة لصناعة الألماس باستخدام شعاع إلكتروني، بدلا من الطرق التقليدية التي تتطلب ضغوطا هائلة ودرجات حرارة مرتفعة جدا.
ووفقا لنتائج دراسة جديدة نشرت في مجلة “ساينس” يوم 4 سبتمبر/أيلول، يعتقد المؤلفون أن هذا الاكتشاف يمكن أن يغير مستقبل تقنيات التصوير والتحليل في مجالات علمية مختلفة.
منذ عقود طويلة، انشغل العلماء بكيفية تحويل الكربون إلى ألماس، وهو الشكل الأكثر صلابة وندرة بين صور الكربون الطبيعية.
اعتمدت الطريقة التقليدية لتحويل الكربون إلى ألماس على محاكاة الظروف القاسية الموجودة في أعماق الأرض والمتمثلة في ضغوط تصل إلى عشرات الجيجا باسكال، وحرارة تتجاوز آلاف الدرجات، وهناك أيضا تقنيات الترسيب الكيميائي للبخار، لكنها معقدة ومكلفة.
يقول المؤلف الرئيس للدراسة “إييتشي ناكامورا” أستاذ الكيمياء العضوية في جامعة طوكيو، “إن الفريق اختار جزيئا يدعى “الأدامانتان”، وهو جزيء كربوني يمتاز ببنية ثلاثية الأبعاد تشبه كثيرا بنية الألماس، هذا التشابه جعله مرشحا مثاليا لتجربة التحويل.
يقول “ناكامورا” في تصريحات للجزيرة نت: “المعرفة بقدرة الأدامانتان على تكوين روابط جديدة وتحوله إلى ألماس كانت موجودة منذ فترة طويلة، لكن التحدي كان في كيفية قص روابط الكربون والهيدروجين بدقة لإعادة تشكيلها إلى شبكة ألماسية ثلاثية الأبعاد، لم تكن المشكلة في غياب الفكرة، بل في أن أحدا لم يظن أنها قابلة للتنفيذ”.
باستخدام شعاع إلكتروني موجه عبر مجهر إلكتروني ناقل، نجح الفريق في تفكيك روابط الأدامانتان بدقة وإعادة ترتيبها، ليظهر الألماس في صورة نانوية خاليا من العيوب، وبأقطار لا تتجاوز 10 نانومترات.
لطالما اعتقد الباحثون أن تعرض الجزيئات العضوية لشعاع إلكتروني في المجهر يؤدي إلى تحللها السريع، وهو الاعتقاد الذي كان بمثابة عقبة كبرى أمام محاولات متابعة التفاعلات الكيميائية تحت شعاع الإلكترون.
لكن “ناكامورا” وفريقه سعوا إلى تغيير هذا الاعتقاد السائد، يقول الباحث “منذ عام 2004 وأنا أخوض معركة لإثبات العكس، كنت واثقا أن بالإمكان جعل الجزيئات تخضع لتفاعلات منتظمة تحت الشعاع بدلا من أن تتحطم”، وبالفعل، أثبتت صور المجهر الإلكتروني المتتابعة أن جزيئات الأدامانتان تتحول خطوة بخطوة إلى سلاسل قصيرة ثم إلى نانو ألماس كروي، في مشهد يوثق تحولا كيميائيا طالما كان حلما نظريا.
تقدم النتائج تفسيرا جديدا لظواهر طبيعية طالما أثارت فضول العلماء، بحسب الباحث الذي يوضح أن الألماس وُجد في نيازك فضائية وصخور كربونية تعرضت لإشعاعات عالية الطاقة، لكن الآلية وراء ذلك كانت غامضة، الآن تقدم الدراسة الجديدة دليلا على أن جسيمات عالية الطاقة -مثل الأشعة الكونية- يمكن أن تكون المحرك الفعلي وراء تكوين هذه الأحجار في الفضاء.
تكشف التجربة أيضا عن إمكانيات جديدة في مجالات مثل الطباعة الإلكترونية والهندسة السطحية حيث يمكن التحكم في التفاعلات الكيميائية باستخدام شعاع إلكتروني بدلا من المواد الكيميائية التقليدية، وهو ما يعني فتح الباب أمام طرق أكثر دقة وأمانا للتعامل مع المواد العضوية.