قيمة سوق الأسهم الأميركية ارتفعت بـ 21 تريليون دولار منذ إطلاق "تشات جي بي تي" (أسوشيتد برس)

قيمة سوق الأسهم الأميركية ارتفعت بـ 21 تريليون دولار منذ إطلاق "تشات جي بي تي" (أسوشيتد برس)

تزايدت المخاوف في الأوساط الاقتصادية العالمية من احتمال انفجار فقاعة استثمارات الذكاء الاصطناعي التي غذّت أسواق المال الأميركية في السنوات الأخيرة.

وأوضح تقرير موسع نشرته مجلة إيكونوميست أن القيمة السوقية لأسهم أميركا ارتفعت منذ إطلاق “شات جي بي تي” عام 2022 بأكثر من 21 تريليون دولار، في حين أن 10 شركات فقط، بينها أمازون وميتا وإنفيديا وبرودكوم، استحوذت على 55% من هذه المكاسب.

استثمارات هائلة وإيرادات محدودة

وبحسب إيكونوميست، فإن النصف الأول من عام 2025 شهد طفرة في استثمارات تكنولوجيا المعلومات كانت مسؤولة عن مجمل نمو الناتج المحلي الإجمالي الأميركي، بينما حصلت شركات الذكاء الاصطناعي على ثلث التمويل الاستثماري المغامر في الغرب هذا العام.

A message reading "AI artificial intelligence", a keyboard, and robot hands are seen in this illustration taken January 27, 2025. REUTERS/Dado Ruvic/Illustration
10 شركات كبرى مثل أمازون وإنفيديا تقف وراء 55% من هذه المكاسب (رويترز)

غير أن العوائد المباشرة ما تزال متواضعة، إذ تُقدَّر الإيرادات السنوية لكبرى شركات الذكاء الاصطناعي في الغرب بنحو 50 مليار دولار فقط، أي أقل من 2% من حجم الاستثمارات المتوقع ضخها في مراكز البيانات عالميًا (2.9 تريليون دولار بين 2025 و2028 وفقًا لمورغان ستانلي).

وخلصت دراسة حديثة من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إلى أن 95% من المؤسسات لم تحقق أي عائد من استثماراتها في الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهو ما يزيد من المخاوف بشأن الجدوى الاقتصادية.

تحذيرات من فقاعة جديدة

وأشار تقرير لـ”يو بي إس” إلى أن التقييمات الحالية “تضيء باللون الأحمر ولا تترك مجالا لخيبات أمل في التدفقات النقدية”، وأكد تورستن سلوك، كبير الاقتصاديين في أبولو، أن أسهم الذكاء الاصطناعي “أعلى تقييمًا من أسهم شركات الإنترنت في 1999”.

وحتى سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لـ”أوبن إيه آي“، اعترف بقوله: “هل نحن في مرحلة مبالغة من الحماس تجاه الذكاء الاصطناعي؟ رأيي هو نعم”، في إشارة إلى أن الحماس الاستثماري تجاوز الحقائق التقنية.

إعلان
 

ورغم هذه التحذيرات، يرى محللون أن الفقاعات ليست غريبة عن مسار الابتكارات الكبرى، فقد صاحبت فقاعة السكك الحديدية في بريطانيا بالقرن الـ19 وفورة الكهرباء في أميركا موجات من الخسائر للمستثمرين، لكن التكنولوجيا ذاتها استمرت وغيّرت الحياة.

حجم الأخطار والعوامل المؤثرة

تجارب الماضي، بحسب إيكونوميست، تشير إلى أن شدة الانهيارات تعتمد على 4 عوامل: الشرارة الأولى (سياسية أم تقنية)، طبيعة رأس المال المستثمر، مدى ديمومة الأصول الممولة، وهوية من يتحمل الخسائر.

  • الشرارة الحالية تقنية بحتة بدأت بورقة بحثية “الاهتمام هو كل ما تحتاجه” عام 2017 وإطلاق “شات جي بي تي” عام 2022، لكن الحكومات سرعان ما أضافت وقودًا سياسيًا، إذ تعهدت إدارة ترامب بدعم الهيمنة الأميركية عالميًا، في حين تضخ دول الخليج تريليونات في مشاريع الذكاء الاصطناعي.
سام ألتمان: المستثمرون يعيشون مرحلة مبالغا فيها من الحماس تجاه الذكاء الاصطناعي (أسوشيتد)
  • الاستثمارات حتى الآن تعادل 3–4% من الناتج المحلي الإجمالي الأميركي، لكنها مرشحة للارتفاع الكبير مع التوسع في بناء مراكز البيانات. غير أن الأصول مثل شرائح إنفيديا تتقادم سريعًا، بعمر افتراضي لا يتجاوز 9 سنوات مقارنة بـ15 عامًا لأصول الاتصالات في التسعينيات.
  • نصف الاستثمارات المقبلة تقريبًا سيموَّل من التدفقات النقدية للشركات التكنولوجية العملاقة، وهي شركات تشكل خُمس القيمة السوقية لمؤشر إس آند بي 500 لكن ديونها المباشرة لا تتعدى 2% من سوق السندات الاستثمارية، ما يمنحها قدرة على امتصاص الصدمات.
  • الخسائر في حال الانفجار ستتركز على صناديق التقاعد وشركات التأمين والأسر الغنية، وهو ما يقلل احتمالات انهيار النظام المالي، لكنه قد يضرب الاستهلاك الأميركي نظرًا لاعتماد النمو على ثروات هذه الفئة.

انعكاسات محتملة على الاقتصاد الأميركي

وتمثل الملكية الفردية للأسهم اليوم نحو 30% من صافي ثروة الأسر الأميركية، مقارنة بـ26% عند ذروة فقاعة الإنترنت عام 2000.

وبحسب تقديرات “أوكسفورد إيكونوميكس”، فإن كل دولار يتغير في الثروة المالية ينعكس على الاستهلاك بنحو 14 سنتًا، مما يعني أن أي هزة في أسهم الذكاء الاصطناعي قد تتحول سريعًا إلى تباطؤ اقتصادي واسع.

وتختم إيكونوميست بالتحذير من أن الوعود الثورية للذكاء الاصطناعي قد تصبح “تشتيتًا مرحبًا به عن الواقع القاتم لمؤسسات أميركا المهتزة وحواجز التجارة المتصاعدة والديون الحكومية الهائلة”، لكن إذا لم يتحقق “الإله الرقمي”، فإن السقوط سيكون قاسيًا.

المصدر: إيكونوميست

About Post Author